رسالة إلى صديق (4)
عندما فصلنا القرآن عن حياتنا
عن أفعالنا وعن أقوالنا
انهوينا فأنحططنا
نستحق مايمر بنا بل في الحقيقة مايمر بنا قليل جداً على مانستحق
قدّسنا القرآن ودخلنا في غُلّوه
في الزمن الذي كان عليه أن يعيش معنا
أن نعيش معه
قدّسناه حتى جعلناه فقط كتاباً للأحكام وتذكيراً لأهوال يوم القيامة
نعم جعلناه أيضاً كتاباً للتائب فقط
لقد قدّسنا محتواه اللغوي وجعلنا له حدود رغم أنه انزل للحياة كاملةً
قدّسناه وذلك التقديس خلق له أسوار منعنا من التعايش معه
لم نفهم القرآن
لقد ارتكبنا خطأ فادح نتاجه حالنا اليوم
حالنا الذي يدعو للإشمئزاز
حالنا الذي لم يكن قدوة
حالنا الذي شوه الكتاب المقدس
ورغم أننا جعلناه مرجعاً للأحكام
إلا أننا فنّانون في إصدار حكم الحرام والحلال والعيب والعُرف
نحن أيضاً فنّانون في تحديد من سيذهب للنار والجنة نحن أيضاً دخلنا في السرائر
ومازلنا ندّعي أننا مازلنا مسلمون
ياااه كم نحن متناقضون
يحتاج إسلامنا لمراجعه
لقد أهنا الإسلام في الوقت الذي رفعنا هو
بل أهنا الإنسانية وأهنا الرب الذي أنعم علينا بالإسلام
وجعلنا نحن من النعمة نقمة
كونك مسلم قرأت القرآن فإمتحانك أكبر وأعظم
أنت كمن دخلت امتحان الدنيا وأنت تعرف خطة الحل والقلم المستخدم HB2 للتظليل
لكنك أصبحت مثل المغترب البعيد ابن البلد الذي ضمن النجاح عند العودة لأنه "ابن البلد فقط"؟!
رغم أنّ كفاءة الأجنبي أفضل منك طبعاً ثم تنصدم فيخذلك وطنك هو لم يخذلك بل أنت من خذله لأنك اعتمدت على الوطنية ولم تعمل جيداً لم تحقق مايدعوهم للوثوق بك
حالنا أبشع بأكثر من مجرد التشبيه
هل تضمن قول الشهادة؟
تعلمنا أن قولها ليس سهلاً فقولها عند نزع الروح ليس سهلاً ولا يقولها إلا من عمل بها وعليها
ماذا قدمنا للبشرية؟
تلك المشركة دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت
وذلك الرجلدخلنا الجنة في كلبٍ سقاه
نحن لم نقدم طبعاً للحيوانات شيئاً
ماذا قدمنا للإنسان؟
الإنسان ماذا قدمنا له؟
الإنسان ذاك، الإنسان الذي شردته الحدود؟
أخشى أن أقول أنهم في موضع امتحان أفضل بكثير من امتحاننا فأكون على حق
أين القرآن أليس يفترض به أن يكون معنا اليوم؟
ياصديقي في ذات يوم اتفقنا على جدول الإستعداد للإمتحان وأخبرنا الأستاذ
ثم عدت في كلامك وعلمت أنا من طرفٍ ثالث جئتك لأخبرتك يومها أننا مؤمنين ولسنا يهوداً والمؤمنين لا ينقضون الميثاق
قلت لي يومها أنّ هذا ليس له علاقة في هذا
تألمت عليك يومها وظننتي أتألم على نفسي
لقد آلمني فصلك للقرآن والدين عن حياتك
وعدتُ للطرف الثاني الذي كان معنا ونكر الإتفاق خشيةً على صداقتك
أخبرته بالآية في سورة البقرة
(ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)
ثم تركتك وتركته
لأنكم يومها آذيتموني
لقد فصلتم الدين عن الحياة
يومها أخبرتك بيهود بني قريضة وأنكم لاتختلفون عنهم شيئاً
وبمذهب العلمانية الذي أيدتموه بفعلكم
نعم الأمر كان مهماً بالنسبة لك
فهو اختبار
وكان الأمر عندي إسلام
كلنا أدينا الإختبار بإختلاف أهدافنا
لكن يا ترى من كان همه يومها إعمار الأرض
أنا لا أعلم
ما أعلمه أنني زدتُ جرعةً فيتامينيةٍ للوقوف وعدم الإنجراف مع البشرية السائدة
تعلمتُ أنه قد يكون الجين المتنحي أفضل بكثير ولو كان ذا طفرة من الجين السائد المتعافي في نظرنا
ياصديقي أنا تغيرت، ليس بالضرورة أنا أكون مع الأكثرية لأكون على حق
تغيرت أو فلنقل نضجت عرفتُ اليقين
لطالما كنت اتسائل في خلواتي في عمري ماقبل العشرين مالذي جاء به الرسول عليه السلام ولماذا نتعلم غير ما هو متداول
حتى صورنا زمن الرسول والخلفاء والتابعين بالزمن الميثالي النموذجي الذي قد لا يتكرر
آمنت أن الخطأ ليس فيّ ولا فيك بل الخطأ في الطريقة التي تداول فيها القرآن وانتقل عبر الأجيال بل ربما محرضون ضد الإسلام أثّروا فينا ونحن لانعلم
نقلوا لنا الصورة الخطأ عن القرآن على أساس أنهم مسلمون
فسروا القرآن للتاريخ فقط
وكأنه نزل لذلك العصر فقط
ذكروا أسباب النزول وذكروا تفسيرها وترجمة الكلمات في المعاجم لكن!
لم يذكر لنا أحد كيف ربطوه بهذه الحياة؟
كيف تقدموا وأصبحت حضارة مزدهرة
كيف كان القرآن ملهماً لهم في إعمار الأرض
أتعلم السبب
القرآن في عهد النور كان بلغته السائدة كانوا يقرأونه بلا تنقيط وحركات وفواصل وتجويد
لقد كان القرآن يحاكي واقعهم
وهو كذلك لنا أنه يحاكينا ويحاكي واقعنا
لكننا لم نتعلم لغته
أهملناه
قلنا للأمم بأجر حافظ القرآن وعملنا على تخريجهم بالآلاف
لكن لم تكن هناك مادة تعلمهم كيف نعيش معه لم نعمل على أن تحفظه العقول
لم نتعلم أن يظهر في أفعالنا
بل تعلمنا أن يجعل منا أناساً ضعفاء تحت سبب أنّ الدنيا فانية
علمونا هُم أنّ مايحل بنا ابتلاء والحقيقة أنه حصادنا
تعلمنا أن لا ننسى القرآن لانه يجب أن يحفظ
لكنه كان اقرأ اقرأ بإسم ربك الذي خلق،خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم علم بالقلم،علم الإنسان مالم يعلم
نعم اقرأ بإسم ربك
هو الخالق
هو خالق الإنسان من علق "الطب"
الأكرم "الكريم"
علم بالقلم "الكتابة"
علم الإنسان مالم يكن يعرفه، علمه الألف والباء علمه الطب والصيدلة علمه الهندسة
والتكنولوجيا
علمه الكثير علمه للعمل في الدنيا
التي أخبرونا سابقاً أنها مهانة
أنها مذمومة هم قالوا ذلك لكن الله جعلنا فيها خلفاء
لعلها تكون أمانه كما يكون الخليفة أميناً على أرضه
بالطبع كلانا سنُسئل عن الأمانه
فكيف أمانتك ماذا فعلت على الأرض !
اخشى أن تقول لا شيء
تخبرني الملاحظات أنني وصلت لأقصى حدود الحرف
هي لم تستحمل
فتحملني عذراً
لم تنتهي الرسالة
لكن يجب عليك أن تستلمها
ويجب علي أن أشكر المعلم البعيد كثيراً القريب جداً الذي علمني كيف أفهم القرآن "الدكتور أحمد العُمري" وأحمد القدر الذي جمعني به
لقد جائني على قدر
والمعلم عمرو خالد كان لي نعمّ المنير
المرسل: من أقصى الحدود البعيدة فاطمه
المستلم: صديق قريب جداً وبعيد كثيراً
اليوم: 3 سبتمبر 2015
بالمناسبة هذا اليوم يوافق اليوم الذي حضّرت فيه أول دواء بتركيبه الصيدلاني :) وسبتمبر بالذات شهر مميز لنا
تعليقات
إرسال تعليق